من نحن ؟

  بعد  مرور   أكثر من أربعين عاما قضيتها في رحاب مناهل العلم والمعرفة بين مدرجات ومعامل جامعات ليبيا الحبيبة ، حيث كان لي شرف تعليم وتدريس وتأهيل عشرات الدفعات من الخريجين من أبنائي الطلاب، وكذلك شرف العمل مع نخبة عظيمة من زملائي الأساتذة والإداريين، كلفت خلال فترة عملي أستاذاً بالجامعات الليبية بتولي العديد من المناصب الأكاديمية والإدارية في مجال التعليم والتخطيط والتأليف والترجمة والبحث العلمي ، وكان على رأسها رئاسة جامعة عمر المختار بمدينة البيضاء لفترتين ولمدة ستة عشر عاماً ، كان عنوانها الرقي والازدهار والتقدم – بفضل الله تعالى من قبل ومن بعد – وبجهود كل من كان له شرف الإنتماء إليها من أساتذة وإداريين وطلاب وقبل كل هؤلاء وبعدهم مجتمع مدينة البيضاء ومدن الجبل الأخضر الأشم.
ثم شرفت بالعمل في العديد من المنظمات الإقليمية والدولية ممثلاً للدولة الليبية وخبيراً دولياً   مستقلاً بهذه المنظمات لمدة تجاوزت التسعة عشر عاماً تعلمت واكتسبت بفضل الله من خلالها خبرة دولية ثرة في قضايا حيوية متعددة، وأدركت أهميتها في بناء المجتمعات الإنسانية وفي بناء الدول. وفي مقدمة هذه القضايا قضية الأمن الغذائي ، باعتباره جزءاً لا يتجزأ من الأمن الوطني، ويُشكّل مُرتكزاً أساسياً تقوم عليه الدول وتضع له الإستراتيجيات، وترسم له الخطط والبرامج والسياسات. كذلك قضية التنمية البشرية وبناء القدرات، التي ترصد لها الميزانيات الضخمة لمواجهة التحديات التي تواجه بناء الإنسان من خلال تعزيز قدراته وتنمية مهاراته اجتماعياً وثقافياً وتكنولوجياً. ولعلنا ندرك جميعا أن التنمية البشرية – بجوانبها كافة – هي بمثابة حجر الزاوية ، بل والعمود الفقري لوسائل تحقيق الازدهار المجتمعي والتنمية الشاملة المستدامة في المجتمعات الإنسانية.
وقد لمست خلال هذه المراحل من تاريخي الوظيفي وحياتي العملية، الأهمية البالغة لدراسة اللغات الأجنبية وتعلم آدابها وثقافاتها؛ لما لها من أثر بالغ على توسيع مدارك وآفاق دارسيها والمتحدثين بها وتعزيز قدراتهم على التواصل وتحقيق المزيد من التحصيل والتعلم واكتساب الخبرات، ليس فقط على المستوى الشخصي، وإنما يتعداه لينعكس على مستوى المؤسسات العامة والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني. لقد بات تعلم اللغات وإتقانها ضرورة تمليها طبيعة العصر، ولم تعد ترفاً اجتماعياً تتباهى به بعض الفئات المجتمعية كما كان الحال منذ عقود خلت.
 مشبعاً بهذه الأفكار ومحملاً بتطلعات وآفاق رحبة، عدت الى أرض الوطن، وجاءت فكرة إنشاء أكاديمية لتعليم اللغات وإرساء دعائم التنمية البشرية سعياً لتأهيل جيل من الشباب الواعد الذي نعول عليه في إبداع مجتمعٍ راقٍ متقدم يواكب التطور الحضاري والثقافي والتقني والمعلوماتي، ويسهم في  تحقيق الرؤية الاستراتيجية الوطنية للتعليم والتدريب وتجسيد التنمية البشرية المستدامة على أرض الواقع.
وقد حرصنا على أن تنشأ الأكاديمية على أحدث طراز علمي ، وأن يتم تصميم البرامج التدريبية  وفق المفهوم الشمولي المتكامل، بمعنى الربط بين إدارة الجودة الشاملة وتكامل عمليات التنمية مع البرامج والخطط التنموية،  وبحيث يتم الجمع بين الجوانب النظرية والتطبيقية في مجالات التنمية البشرية والمؤسسية.
والله من وراء القصد، وهو ولي التوفيق.
أ.د عبدالله عبدالرحمن زايد
مديرعام الأكاديمية